ما الفرق بين العمارة والعمارة الداخلية؟
إذا كنت تظن أن كلاهما تخصص واحد أو يتبع أحدهم الآخر، ستشعر بالمفآجأة الكبرى عندما تعرف الفروق العديدة بين تخصصي العمارة والعمارة الداخلية. سنشرح كل ما يتعلق بتخصص العمارة وتخصص العمارة الداخلية بشكل سلس وكافي دون أن تضطر للبحث في مصادر أخرى.
أولًا: تخصص العمارة؟
إن تخصص العمارة (الهندسة المعمارية) عبارة عن علم هندسي دقيق وفن إبداعي يهتم بتصميم المنازل والمباني التي يحتاجها البشر سواءً كانوا فُرادى أو مجتمعات لكي يحصلوا على أسلوب حياة أسهل وأكثر أمانًا على الأرض. من خلال دراسة تخصص العمارة يستطيع الطالب تعلم كيفية تصميم الوحدات السكنية والمؤسسات والمصانع والطرق والكباري والمطارات وغيرها من البنايات الأخرى.
تتناول دراسة العمارة مجموعة من العلوم المختلفة التي ترتبط فيما بينها، مثل: التاريخ والحضارات السابقة، علوم مواد البناء، التصميم المعماري، التصميم الرقمي، المساحات الفارغة والمناظر، والنظم البيئية في المباني، وغيرها.
أهمية تخصص العمارة
ظهرت الهندسة المعمارية منذ زمن بعيد مع الإنسان القديم الذي أراد أن يعمر الأرض وينشئ فيها مساحته التي يعيش فيها مع عائلته بطريقة تضمن لهم الاستقرار والراحة، بالإضافة إلى الحماية من أشعة الشمس وأحيانًا من الحيوانات المفترسة. كانت العمارة بمثابة أسلوب من أساليب التكيف مع البيئة مشابه لصيد الطيور من أجل الغذاء، واستخدام العصا واكتشاف النار.
مع تطور أشكال الحياة وتوسع الإنسان في العلوم والخبرات تعرف أكثر إلى القياسات والأبعاد المناسبة للمباني والمنشآت المختلفة، حتى استطاع إنشاء العديد من التصميمات المعمارية الوظيفية والجمالية التي تتناسب بطريقة ذكية مع الغرض من إنشاء كل مبنى، مع الأخذ في الاعتبار الكثافة السكانية للمنطقة التي يقع بها المبنى.
العمارة والمعيشة
مثلت العمارة احتياجًا أساسيًا للإنسان قديمًا، فهو يبحث دائمًا عن مكان آمن له ولأفراد عائلته يحميهم من أشعة الشمس الشديدة أو البرد القارس، بالإضافة إلى الأمطار والعواصف الرعدية أو خطر الحيوانات المفترسة.
ساعدت علوم مواد البناء الإنسان في اختيار الخامات المناسبة لإنشاء منزله كي يقاوم الأمطار والسيول ودرجات الحرارة الشديدة، بالإضافة إلى فتحات التهوية، وفتحة المدفأة، كما استطاع الإنسان التخطيط والتصميم للمنازل كي يحصل على مصادر إضاءة من الطبيعة دون التعرض للكثير من الحرارة.
حققت العمارة أهم الاحتياجات النفسية وهي الراحة والاستقرار، لأن الإنسان يحاول دائمًا التكيف مع بيئته فهي تؤثر به، ويؤثر هو الآخر عليها. يميل الإنسان إلى العناية بالمكان الذي يسكن فيه فيختار الألوان والأحجام وكيف يكون شكل المدخل والنوافذ والحديقة أو الساحة المجاورة، وكذلك حجم كل شيء داخل المنزل.
العمارة تاريخ وتراث
كما نشاهد الوثائقيات القديمة والمخطوطات والكتب التي تصف ماضي حضارة ما، استطاع الإنسان الحصول على شاهدٍ قديم يدل على تاريخ تلك الحضارة. تعد العمارة دليلًا حقيقيًا على الحضارات القديمة التي أثَّرت في شعوب العالم القديم وامتد هذا الأثر إلى العصر الحديث الحالي.
يمكنك التوجه إلى محركات البحث الآن والحصول على المُتعة البصرية من خلال كتابة كلمات مثل: العمارة المصرية القديمة، أو العمارة الرومانية، أو العمارة الإسلامية، أو العمارة الأوروبية. تتميز كل تلك الحضارات بهوية مختلفة لأنها تُحاكي زمنًا محدد يعتنق فيه الأفراد بعض المعتقدات ويمارسون طقوسهم الخاصة، ويحرص المعماري في كل حضارة على توثيق وتدوين ذلك الإرث الثقافي على جدران دور العبادة والمنشآت الهامة في البلاد من خلال النقوش والزخارف المُعبرة.
العمارة فن وتصميم ذكي
إن العمارة تعني أيضًا الإبداع والحس الفني وابتكار الكثير من العناصر الأنيقة والجذابة مثل النقوش وأوراق النبات ورسومات الأشخاص على جدران المنازل والمعابد. تضيف العمارة قيمة أكبر للمباني وتعبر عن قوة المجتمع في ذلك الوقت. تشير المزيد من المباني ذات النقوش والرسومات إلى أمن البلاد واستقرارها ورخائها الاقتصادي، بالإضافة إلى تفوقها في بعض العلوم المميزة.
قدمت العمارة حلولًا ذكية وعصرية للمشاكل التي تواجه السكان بالمنازل، مثل: استخدام مواد بناء عازلة للحرارة في الجدران والأسقف، استخدام مظلات خارجية، ونظام التكييف الطبيعي، وزراعة المزيد من النباتات الخضراء التي تغطي الجدران المغطاة حتى تمتص الحرارة.
تعكس العمارة المعاصرة الآن الكثير من المبادئ والأفكار الجديدة التي شكلت ثورة مختلفة منذ أكتر من 20 عام. من أهم هذه المبادئ: الوظيفية، السرعة، المواد الحديثة في البناء، التناغم مع البيئة وتحقيق الاستدامة. يظهر على المباني الحديثة طابع عملي سريع، وذكي وهو ما يعد مناسبًا إلى حد كبير مع نمط الحياة الاستهلاكي والرقمي الحالي.
الفرص الوظيفية لتخصص العمارة
يتاح الكثير من الفرص الوظيفية المتنوعة لخريجي تخصص العمارة لأنها من التخصصات الغير محدودة على الإطلاق.بين العمل الميداني والعمل المكتبي بالتأكيد ستجد الخيار الذي يناسبك. إليك أهم الفرص الوظيفية لتخصص العمارة:
- العمل كمهندس معماري.
- العمل كمهندس تصميم حضري.
- العمل كمهندس موقع.
- العمل كمهندس تقديرات.
- العمل كمهندس إدارة مشاريع.
- التدريس في الجامعات والمدارس العليا.
- العمل في مشروعك الحر من خلال تأسيس مكتب استشارات هندسية.
- العمل في التطوير العقاري.
- العمل في صناعة مواد البناء.
ثانيًا: تخصص العمارة الداخلية
العمارة الداخلية (أو التصميم الداخلي) هو تخصص هندسي آخر يدرس تصميم المساحات الداخلية للمباني المختلفة مع مراعاة طبيعة كل مكان والغرض الرئيسي منه، بالإضافة إلى الجانب الجمالي، والصحي ومعايير البيئة والسلامة.
ما الفرق بين تخصص العمارة والعمارة الداخلية؟
إذا كنت مُشتَّتًا بين التخصصات الهندسية المختلفة، فستعرف الفرق بينهما من خلال المقارنة التالية التي تجعل الأمر أكثر وضوحًا.
أوجه الشبه:
- كلاهما تخصصات هندسية تدرس علوم الرياضيات والمساحات والحجوم.
- كلاهما يحقق التكامل في إنشاء المباني وتأسيسها عمليًا على أكمل وجه.
- كلاهما يتطلبان المعرفة والإلمام الكافي بقوانين البناء واللوائح الصحية.
- كلاهما يتميز بطلب متزايد في سوق العمل.
أوجه الاختلاف:
1- نطاق العمل:
هندسة العمارة: تهتم بتصميم مخططات المدن والمراكز والمباني، واختيار مواد البناء المناسبة، والإشراف على تنفيذ المشروعات.
هندسة العمارة الداخلية: تهتم بتصميم المساحات الداخلية للمباني مع تنفيذ اللمسات الجمالية، ومراعاة جوانب البيئة والصحة والسلامة.
2- المسؤوليات:
العمارة:
- إعداد المباني بما يناسب احتياجات السكان.
- تحقيق معايير السلامة والأمان للمباني، لتفادي الأخطار التي قد تضر السكان.
- الالتزام بقوانين البناء واللوائح الصحية.
- تصميم المباني بطريقة جمالية من الخارج تناسب مساحات وتنسيق المدينة ككل.
العمارة الداخلية:
- تنظيم وتنسيق المساحات الداخلية للمباني بشكل عملي ومريح.
- اختيار الألوان والأثاث بطريقة جذابة وذكية تخلق تجربة شعورية إيجابية.
- تحقيق التوازن بين الإضاءة الطبيعية والإضاءة الاصطناعية.
شخصيات بارزة في مجال العمارة
هناك العديد من المعماريين البارزين حول العالم وفي وطننا العربي والذين نجحوا في ابتكار أساليبهم المعمارية الفريدة والتي تُعد مدارس معمارية مستقلة بذاتها يدرسها الطلاب بالجامعات الآن. من أهم تلك الشخصيات البارزة:
1- حسن فتحي (1900 – 1989)
مهندس معماري مصري اشتهر بتصميم المباني بواسطة مواد البناء المحلية مثل الطوب اللبن والخشب مع مراعاة الجوانب الاجتماعية والثقافية والمناخية. يتميز بأسلوبه الخاص الذي حقق التناغم والانسجام بين العمارة والبيئة، كما صمم العديد من القرى النموذجية في مصر والعراق والسودان. يعد من أهم رواد العمارة المستدامة.
2- زها حديد (1950 – 2016)
مهندسة معمارية عراقية بريطانية اشتهرت بتصاميمها الحديثة للمباني التي تتميز بالانسيابية والانحناءات المتكررة، بالإضافة إلى استخدام خامات بناء حديثة مثل الزجاج والفولاذ والألواح المعدنية. يظهر في أعمالها أيضًا الاهتمام بالضوء والفضاء. صممت العديد من المعالم المشهورة حول العالم حاليًا مثل: دار الأوبرا في سيدني (استراليا)، مركز حيدر علييف الثقافي في (أذربيجان)، ومركز إطفاء الحريق في (ألمانيا).
3- شيغيرو بان
مهندس معماري ياباني يتميز بتصاميمه العملية للمباني المؤقتة والملاجئ باستخدام مواد بسيطة مثل الورق المقوى. تعد مكونات تصاميمه صديقة للبيئة دائمًا و سهلة الفك والتركيب والتجميع، كما يركز على إعادة استخدام المواد والتقليل من النفايات.
ساهم في إنقاذ العديد من ضحايا الكوارث الطبيعية من خلال تصميم مباني جديدة بدلًا من القديمة التي تضررت، مثل:
مأوى اللاجئين في كوبي.
كنيسة الورق المقوى.
مأوى اللاجئين في رواندا بعد الإبادة الجماعية.
مدرسة الورق المقوى في هايتي.
إلى هنا نصل لنهاية هذا المقال ونحن نأمل أن تحصل على كل الإجابات الوافية حول أسئلتك عن تخصصي العمارة والعمارة الداخلية، ونبذة بسيطة عن كل تخصص منهم، وماهي أهمية العمارة للإنسان، والفرص الوظيفية لتخصص العمارة. يشمل هذا المقال مقارنةً بين تخصص العمارة والعمارة الداخلية من حيث بعض أوجه الشبه والاختلاف، بالإضافة إلى أهم الشخصيات البارزة في تخصص العمارة.
لمزيد من الاستفسارات حول تخصص العمارة أو تخصص العمارة الداخلية تواصل معنا ..
